dark knight نائب المدير
كلمتى :
اذا كنت حزينًا ولا تجد طريق السعاده
.
.
.
.
....
.
.
.
.
.
.
فقط ارفع رأسك عالياً وتذكر بأن الله ربك و نبيك محمد الجنس : الشهرة : 24008 المستوى : 36 عدد المشاركات : 662 تاريخ التسجيل : 18/07/2009 العمر : 31 الموقع : https://mafiatop.yoo7.com
| موضوع: رمضان والصيام السبت يوليو 25, 2009 7:52 pm | |
| للأستاذ الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني
قال الأستاذ : 1- الطلعة الميمونة : أهلاً بطلعتك الميمونة أيها الشهر الكريم ، ومرحباً بطالعك السعيد أيها الضيف العظيم ، وهنيئاً بزيارتك المباركة أيها الطبيب الحاذق والآسي والحكيم ، لقد أطل علينا نجمك من سمائه ينادي على الدهر وهو طائر بقافلة البشر ، من غير اكتراث ولا حذر ، أن قف - يا دهر - بأبناء البشرية رويداً ، فقد أرهقتهم بمفاتنك ، وخدعتهم ببهارجك ، واستعبدتهم بغرورك ، وشغلتهم حتى عن علاج أنفسهم وتغذية أرواحهم ، وسلخت من عامهم أحد عشر شهراً كاملة تشابهت أيامها ولياليها ، وطفحت أحداثها بمآسيها ، كفى كفى يا دهر ، فقد أجعتهم من كثرة ما أكلوا ، واظمأتهم من طغيات ما شربوا ، وأرقتهم من طول ما ناموا ، وأتعبتهم أضعاف أضعاف ما استراحوا ، قف - يا دهر - بأمر من خلقني وخلقك ، فإن الناس أكرم على الله من أن يتركهم فريسة لختلك وخداعك ، وهو سبحانه أرحم بهم من أن يغرقهم بشهواتك وأحداثك { إن الله بالناس لرءوف رحيم }. هنالك وقف الدهر وسكن ، وجنح إلى الهدنة وركن ، ولكنه وقف بالمرصاد ينتهز الفرصة ، وينتظر الكرة ، فماذا أنت صانع أيها الإنسان ؟ 2- لماذا نصوم ؟ لقد علم ربك أنك مخلوق في وسط متدفق بالمنغصات والألم ، متشبع بالمتاعب والأهوال ، ولا بد لانتصارك في هذا الميدان من أن تجالد وتجاهد ، وتكافح وتنافح ، وتبذل وتصبر ، وتضحي وتثبت ، وأنى يكون لك ذلك وأنت ضعيف الإرادة ، منحل العزيمة ، وضيع الهمة ، ناقص الرجولة ؟ لا ريب أن هذا الكمال ، لا يكون إلا من وهاب الكمال. لهذا فرض عليك فريضة الصيام ليقوي من إرادتك ، ويشد من عزيمتك ويرفع من همتك ، ويكمل من رجولتك ، فتصير مسلحاً بقوة الإرادة ، مزوداً بذخيرة الشجاعة ، مستعداً استعداداً صالحاً لخوض ذلك العباب ، ومغامرة هاتيك الصعاب. نعم ، قلت لك شريعته الغراء : جع فلا تأكل واعطش فلا تشرب ، وامكث كذلك سحابة كل يوم من أيام رمضان ، واستعن بالله ولا تعجز ، وانو هذا الصيام من الليل ، واعزم وصمم ، واصدق ولا تتردد ، ثم قالت : إن الله لم يحرم عليك الزاد والماء لتتعذب ، ولكن لتتهذب ، فإذا تمرنت على ترك ما هو ضروري لوجودك ، سهل عليك ترك الشهوات والمعاصي وهي ليست من ضروريات وجودك ، بل إنها العكس جناية على حياتك وخطر على وجودك ، وإذا كنت قد صبرت على هجر الطعام بمجرد العزم والتصيم على الصيام ، فأنت بهذه الإرادة نفسها تكون أشد اصطباراً على مقاطعة القبيح ومجانبة الحرام ، إذا فاترك المنكر واهجر السفاسف ، وتلك حكمة من حكم الله في تشريع الصوم ، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري وأبو داود عن أبي هريرة ، والزور هو الباطل. 3- حكمة ثانية : ولقد علم ربك - أيضاً - أن الإنسان سريع الطغيان ، وأن طغيانه أشكال وألوان ، فألزمه سبحانه الصوم حتى إذا جاع وظمئ ذلت نفسه ، وانصدع كبره وفخره ، وأحسن أنه - مهما أوتي - فهو عبد مسكين تقعده اللقمة إذا فقدت ، وتضعفه جرعة الماء إذا منعت ، هنالك يطامن من غروره ، ويعترف بفضل الله عليه حتى في كسرة الخبز ورشفة البحر ن ومتى عرف الله خافه ، ومتى خافه استقام على الطريقة ، وسار على الجادة ، وترك ما كان فيه من بغي واستطالة وعلو في الأرض بغير الحق ، وآثر رضوان الله على ترضية نفسه وصار رسول رحمة وسلام لكل من حوله من أبناء الإنسانية ، قال تعالى : { كلا إن الإنسن ليطغى * إن رءاه استغنى } . وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع) ، روى صدر هذا الحديث البخاري ومسلم. 4- حكمة ثالثة : ولقد علم ربك أيضاً أن الإنسان كثير النسيان لإخوانه البؤساء ، قليل العطف على المعوزين والفقراء ، فأمره بالصوم حتى يذوق شيئاً من آلامهم ، ويحس بؤسهم ويشعر بوجدهم ، فإذا رأى أنه لم يصبر على الجوع وحده يوماً كاملاً وتقدم إليه في آخره ألوان طعام والشراب ، أدرك – إن كان فيه إحساس – كيف لا يستطيع أولئك البؤساء أن يصبروا على الجوع وغير الجوع عاماً كاملاً أو عمراً طويلاً لم يقدم لهم فيه لون من تلك الألوان في الطعام والشراب. ولهذا حث الشارع على الجود والكرم ، والإحسان ، والعطف خصوصاً في رمضان ، وكان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، لهذا - أيضاً - شرع الله زكاة الفطر في ختام رمضان ، لأن هذا البذل حكمة مقصودة من تشريع الصيام. ومن عرف قيمة الزكاة وأثرها في تقليل الجرائم وتقوية صفوف الأمة ، وتحسين الروابط بين الأغنياء والفقراء ، وصدر تيار الاشتراكية المتطرفة ، والشيوعية الطاغية ، من عرف هذا تجلت له حكمة الإسلام في عنايته بذلك الواجب الاجتماعي الحيوي والتذرع له بكثير من الوسائل حتى بفرض الصيام على الغني ليشارك أخاه البائس في ألمه ، تمهيداً لإشراكه إياه في شيء من ماله. إن هذه لمعجزة كبرى من معجزات الإسلام الاجتماعية : { تنزيل من حكيم حميد } . 5- حكمة رابعة وخامسة : على أن في الصوم تعويداً للناس على النظام حتى في الأكل والشرب ، فتكون لهم مواقيت لطعامهم ، وأخرى لأعمالهم وهلم جرا ، ولا يليق بهم أن يتركوا الأمر للمصادفات والفوضى فيأكلوا أو يشربوا بغير ميعاد بدون حساب ، فإن ذلك مفسدة للصحة ، ومتلفة للمال ، ومضيعة للمصالح ، وجناية على الفرد ثم على المجموع. ولا تنس أن الصوم فيه تطهير للأمعاء من الرواسب السامة التي ثبت طبياً أنه لا يحللها إلا الجوع ، وفي الحكمة : (المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء) والحمية - بكسر فسكون - هي ترك الطعام. 6- النص الكريم : ولقد جمع الله كل تلك الحكم غيرها في آية واحدة من كتابه الكريم فقال : {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياماً معدودات }. فنادى الله عباده في هذه الآية ذلك النداء الفخم الذي يهز المشاعر ، ويثير الانتباه : { يا أيها الذين آمنوا } ثم فرض الصوم عليهم ، وألزمهم إياه ، وهونه عليهم بثلاثة أمور : أولها : إن الصوم دواء عام كتبه الله على كل أمة معلوم أن الأمر متى عم هان حتى لو كان من نوع البلاء ، فما بالك وهو من نوع الدواء. ثانيها : إن فيه مصالح تعود على البشر لا على الله ، ففيه تقويم الإرادة وتهذيب النفس ، واستدار العطف ، وتأييد النظام ، وحفظ الصحة ، على نحو ما شرحنا ، وفيه فوق ذلك ما الله أعلم به ، وكله مدلول عليه بتلك الكلمة الحكيمة الجامعة { لعلكم تتقون } فإن التقوى اسم يجمع كل خير وفضيلة : (كل الصيد في جوف الفرا). ثالثها : إن أيام الصيام أيام محصورة يعدها العاد ويحصيها المحصي ، ومتى قلت الأيام ، وانحصرت سهل على الإنسان صيامها وقيامها {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماولعلكم تشكرون }. 7- أدب الصائم : أما بعد فإن رمضان غنيمة فابتدرها ، وفرصة فانتهزها ، إنه الشهر الذي أنزل فيه بالقرآن : { هدى للناس وبينت من الهدى والفرقان } ، وفيه ليلة واحدة هي ليلة القدر ،العمل الصالح فيها خير من العمل الصالح في ألف شهر ، وقد أخفاها الله تعالى ولم يعينها لتجتهد في ليالي الشهر كله ، فشمر عن ساعد الجد ، وتعرض لنفحات الله ورحماته ، وسابق إلى إحراز مزايا هذا الشهر وحسناته ، ثم إياك وقول الزور وعمل الزور فقد سمعت قول الرسول صلى الله عليه وسلم آنفاً ، اجتهد أن يكون قولك حقاً ، ومشيك حقاً ، ونظرك حقاً ، وسمعك حقاً ، وعملك كله حقاً ، وإياك والعبث والهذر ، فإن الساعة ساعة جد لا هزل ، وكفاك أحد عشر شهراً ، نقرأ في القرآن الكريم {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً }. ونقرأ في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال : (الصيام جنة) أي وقاية وتهذيب لا مجرد جوع وتعذيب. (فلا يرفث) أي لا يتلوث الصائم وبالشهوات النسائية. (ولا يجهل) أي لا يتكلم كلام الجاهلين ، ولا يتخلق بأخلاق الجاهلين. (وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل : إني صائم مرتين) أي لا يليق بالصائم أن يقابل السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ، ويستعين على ذلك بأن يذكر أنه صائم ، والصائم عابد والعابد لا يبنغي له مسايرة الجاهل في جهله ، وليكرر الصائم هذه الذكرى لنفسه ولخصمه. (والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) الخلوف بفتح الخاء وهو تغير رائحة فم الصائم بعد الزوال ، فتلك التي تكرهها من الصائم هي أطيب عند الله من ريح المسك ، وذلك لشرف الصيام. ثم ذكر الرسول عليه السلام أن الله تعالى في الحديث القدسي (يترك) أي الصائم (طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) أي أن هذا جهاد عظيم من الصائم يستحق به عظيم الأجر (والصيام لي وأنا أجزي به ، والحسنة بعشر ، أمثالها) أي إن الذي يتولى مكافأة الصائم هو الله تعالى نفسه لا يكله إلى ملك ، ولا يحصى جزاءه بعدد ، ومعلوم أن الكريم إذا تولى الغطاء بنفسه أجزل ، وإذا أعطى من غير عدد أكثر وأفضل ، وما ذلك بعجيب، فإن الصوم نوع جليل من أنواع الصبر ، والله تعالى يقول في كتابه العزيز : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب }. ولا تنس أن تحيى ليالي رمضان بالصلاة والقيام وقراءة القرآن أو سماعه أو حضور عظاته ودروسه فإن ذلك غداً نافع لروحك ، وقوة كبيرة في دينك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقد من ذنبه) رواه البخاري
| |
|