يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي

بسم الله الرحمن الرحيم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي 193667

يحمل شهر يونيو للعالم العربي ذكريات أليمة ولعل أبرزها ذكرى نكسة 5 يونيو 1967، والاجتياح الإسرائيلي للبنان 6 يونيو 1982 ونستعرض فصولا هامة من حدثين راسخين في ذاكرة الصراع العربي الإسرائيلي الممتد حتى اليوم .

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي 424723

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي 424723

"النكسة"... 42 عاماً مرت ولكن مازالت هذه الكلمة تذكرنا بحرب وهزيمة واحتلال وقتل . النكسة مصطلح أطلقه العرب على هزيمة الخامس من يونيو 1967 وتعرف أيضاً بحرب "الأيام الستة"، وقعت هذه الحرب بين كل من إسرائيل من جانب ومصر وسوريا والأردن من جانب أخر، وترتب عليها استيلاء إسرائيل على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء المصرية وهضبة الجولان السورية.

جاءت نكسة 67 بعد عدد من الأحداث التاريخية أبرزها نكبة 1948 وقرار تقسيم فلسطين وإقامة دولة لليهود، ثم عام 1956 عندما نظمت كل من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا خطة لشن هجوم على مصر فيما عرف بالعدوان الثلاثي، والذي لم يفلح في مخططاته باختراق مصر وتقويضها حيث لم تنجح كل من بريطانيا وفرنسا في خطتهما باختراق الأراضي المصرية بحراً والدخول إلى مدينة بورسعيد والتي أبدى أهلها الكثير من الاستبسال والشجاعة في الدفاع عن المدينة وحماية الحدود البحرية الشمالية لمصر، فيما قامت إسرائيل بإنزال مظليين والتوغل داخل سيناء.

صدر بعد ذلك قرار الأمم المتحدة بوقف القتال وانسحاب القوات المعتدية على مصر، وإرسال قوات طوارئ دولية لتنظيم عملية الانسحاب، وبالفعل انسحبت القوات البريطانية والفرنسية في ديسمبر 1956، بينما انسحبت إسرائيل في مارس 1957، وظلت القوات الدولية موجودة بمنطقة خليج العقبة للمحافظة على استقرار المنطقة.

توالت بعد ذلك النزاعات والمناوشات بين الأطراف العربية وإسرائيل ثم قامت إسرائيل بحشد جيشها على الحدود السورية، وقام حينها السفير السوفيتي بإرسال تحذير للرئيس عبد الناصر في هذا الشأن، فأصدر الرئيس المصري أوامره للمشير عبد الحكيم عامر باتخاذ اللازم لردع إسرائيل، وأعلنت مصر التعبئة للدفاع عن سوريا.

وفي 15 مايو 67 تحركت القوات المسلحة المصرية إلى أرض سيناء وصباح 18 مايو طالبت من القوات الدولية الموجودة في سيناء الانسحاب منها، أعقب ذلك قيام مصر في 22 مايو بإغلاق مضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية ومنع وصولها إلى ميناء إيلات الإسرائيلي، وكان ذلك احد الأسباب الهامة التي أدت بإسرائيل لشن حربها في الخامس من يونيو 67 على مصر، لما لهذا المضيق من أهمية كبرى لإسرائيل والتي تعتبره منفذها التجاري نحو أسيا وإفريقيا.

غضبت إسرائيل من قرار مصر وقام الرئيس الأمريكي جونسون بإرسال رسالة لعبد الناصر يحذره من نتيجة قراراته، ولكن عبد الناصر أصر على موقفه ورفض الموافقة على شروط جونسون وبدأت شرارة الحرب تتأهب للاشتعال.

وفي الخامس من يونيو 1967 فاجأت إسرائيل مصر في الخامس من يونيو 1967 حيث قام سلاح الطيران بمهاجمة المطارات المصرية وتحركت الفرق الثلاث المدرعة الإسرائيلية نحو قناة السويس، وخلال أيام المعركة الستة احتلت إسرائيل الجولان في سوريا والضفة الغربية في الأردن وسيناء بمصر وغزة والقدس الشرقية.

ثم جاء قرار القائد العام للقوات المسلحة المشير عبد الحكيم عامر بالانسحاب ليحدث المزيد من الارتباك والعشوائية وقد حاولت القوات السورية إعادة تنظيم صفوفها للرد على الهجوم الإسرائيلي، إلا أن مجلس الأمن تدخل واصدر قرار بوقف إطلاق النار، وأعلنت كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا التدخل إذا لم تلتزم الدول العربية بقرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار.

واعترف عبد الناصر بالهزيمة وحمل نفسه المسئولية وأعلن عن تنحيه عن الحكم، ولكن رفضت الجماهير المصرية هذا القرار فعاد عبد الناصر مرة أخرى، وأعلن بعد الموافقة على البقاء في الحكم أن ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ورفض الدخول في أي مفاوضات.

وبدأت مصر ما عرف بحرب الاستنزاف والتي هدفت إلى تغيير الهزيمة إلى سلسلة من الانتصارات، حيث تكبد الإسرائيليون خلال هذه الحرب خسائر فادحة وحققت مصر نجاح باهر حتى أن اليهود شعروا بالخطر القادم، وسعت جاهدة لوقف هذه العمليات الاستنزافية ولم يوافق عبد الناصر على وقف إطلاق النار إلا عام 1970 فيما عرف بمشروع روجرز الثاني.

ثم جاءت وفاة عبد الناصر عقب شهر واحد من الموافقة على وقف إطلاق النار، وصعد محمد أنور السادات ليتولى حكم مصر ثم جاء انتصار السادس من أكتوبر 1973 ليرد للشعب المصري والعربي كرامته ويعلن عن تفوقه على أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

حرب لبنان.. 6 يونيو 1982

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي 655929

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي 655929

حرب لبنان 1982هي إحدى الحروب العربية الإسرائيلية التي سجلها التاريخ في سجل صفحاته التي خصصها للصراع العربي الإسرائيلي، وتمر ذكراها السابعة والعشرون اليوم السادس من يونيو، أطلقت عليها إسرائيل عملية السلام للجليل وعملية الصنوبر، شارك في هذه الحرب منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا وإسرائيل.

بدأت المعارك في السادس من يونيو 1982 وانتهت في 1985، ولم تنتهي أثاراها فعلياً إلا بالانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في إبريل 2000، وفي هذه الحرب جاءت إسرائيل بضعف القوات استخدمتها في حرب أكتوبر 1973.

من الخلفيات التاريخية قبل الحرب دخول القوات السورية إلى لبنان عام 1976 وذلك لعدة أهداف منها حمايتها من الانقسام إخماد الحرب الأهلية التي عانت منها في هذه الفترة، ونزع سلاح المليشيات المتحاربة وحماية لبنان والحفاظ عليها.

وكانت لبنان كانت قد عانت من الحرب الأهلية منذ عام 1975 نتيجة صراع داخلي بين المسيحيين من جهة والفلسطينيين والمسلمين واليساريين من جهة أخرى.

وفي يوليو 1981 تم عقد اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و قوات منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن الجانب الإسرائيلي كان يساوره القلق بسبب تجمع قوات منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار وهو الأمر الذي اعتبرته إسرائيل تهديداً لأمنها ولأمن حدودها الشمالية.

بدأت الأحداث تنذر بحرب وشيكة حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف أحد المواقع التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بجنوب لبنان في 21إبريل 1982، أعقبه رد منظمة التحرير بقصف صاروخي لشمال إسرائيل في التاسع من مايو من نفس العام، ثم جاءت محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا شلومو أرجوف في الثالث من يونيو 1982 ليجن جنون إسرائيل وتبدأ في شن قصف عنيف على منشآت ومواقع تابعة لمنظمة التحرير بقلب العاصمة اللبنانية بيروت.

بدأت الحرب الفعلية على لبنان في السادس من يونيو 1982 عندما عمدت إسرائيل لقصف جوي ومدفعي كثيف على عدد من المدن اللبنانية، ودخل الجيش الإسرائيلي بقيادة إرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي وأثناء وجود مناحم بيجين كرئيس للوزراء إلى لبنان متجاوزة قوات الأمم المتحدة الموجودة على الحدود وذلك تحت الدعم الأمريكي لها.

وأعلنت إسرائيل حينها أنها لن تدخل إلا لمسافة 40 كيلومترا من أجل تحقيق أمنها، وإبعاد منظمة التحرير الفلسطينية والصواريخ عن الحدود، ثم الحق بها بعد ذلك عدد من الأهداف الأخرى أعلنها الناطق الرسمي للحكومة الإسرائيلية آفى بارنز ومنها إجلاء كل القوات الغريبة عن لبنان ومنها الجيش السوري، تدمير منظمة التحرير الفلسطينية، ضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية الشمالية.

تقدمت القوات الإسرائيلية باتجاه العاصمة بيروت، لكنها واجهت في طريقها مقاومة عنيفة من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، وأمام التقدم الإسرائيلي سقطت كل من صيدا وصور والدامور مراكز منظمة التحرير الفلسطينية، وبدا الجيش الإسرائيلي التقدم نحو الطريق الرئيسي بين بيروت ودمشق مخترقين منطقة الشوف الواقعة في الجزء الجنوبي من جبل لبنان، ثم جاء الاشتباك مع الجيش السوري في الثامن من يونيو، ووصل الجيش الإسرائيلي إلى مشارف بيروت، ودمر عدة مواقع للدفاع الجوي السوري بعد عدد من الاشتباكات، وفي 14 يونيو دخل الجيش الإسرائيلي إلى شرق بيروت، وطوق القسم الغربي منها والذي كان مركزاً رئيسياً للفدائيين الفلسطينيين، وتم فرض حصار على غرب بيروت واستمر القصف الإسرائيلي لها.

وفي 13 يونيو تم حصار بيروت واستمر القصف البري والجوي لها حتى دمرت المدينة بأكملها وقتل أكثر من 30 ألف مدني لبناني وأصيب 40 ألف آخرين وتم حصار المدينة ومنع وصول أي من البعثات الدولية والمدنية إليها، وفي قصف المدينة تم استخدام جميع أنواع الأسلحة ومنها المحرم دولياً.

كما جاءت ضمن هذه الحرب واحدة من أكثر المذابح بشاعة وهي مذبحة صابرا وشاتيلا حينما قامت القوات الإسرائيلية بمهاجمة مخيمات للاجئين الفلسطينيين في السادس عشر من سبتمبر 1982 وذبح أكثر من 3000 مدني اعزل هذا على الرغم من الوعد الذي قطعته أمريكا بحماية المدنين عقب خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان.

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي 655930

يونيو.. ونكسات في الصراع العربي الإسرائيلي 655930

صابرا وشاتيلا

في السابع عشر من مايو تم التوصل إلى اتفاقية نصت على انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان بشرط انسحاب سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية أيضاً، وتشكيل حزام امني في جنوب لبنان يتواجد فيه كل من الجيشين الإسرائيلي واللبناني، وظل التواجد الإسرائيلي في الجنوب اللبناني.

جاءت بعد ذلك انتفاضة السادس من فبراير 1984 والتي أعادت السوريين مرة أخرى للبنان، وتم توقيع اتفاق الطائف 1989 والذي شاركت فيه المملكة العربية السعودية وأنهى هذا الاتفاق الحرب الأهلية اللبنانية.

جاء بعد ذلك الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني والمناطق المحتلة عام 2000 بعد سلسلة من أعمال المقاومة اللبنانية، وبانتهاء الحرب بدأت أعمال البناء والترميم لبناء بيروت مرة أخرى.